شعیب بهمن
قبل فتره إجتمع وزراء الطاقه والنفط لکل من السعودیه وقطر وفنزویلا وروسیا فی العاصمه القطریه “الدوحه” وإتفقوا على تثبیت الإنتاج عند مستویات ینایر / کانون الثانی الماضی بهدف دعم الأسعار، فیما أعلن وزیر الطاقه الروســی بأن تطبیق هذا الإتفاق یرتبط الى حد بعید بأداء المنتجین الآخرین.
وبعد هذا الإجتماع توجه وزراء الطاقه فی قطر وفنزویلا إلى إیران لکسب دعمها لقرار الدوحه الذی یمکن أن یترک أثراً إیجابیاً على سعر النفط فی حال تنفیذه، وهذا الأمر یتطلب تحقیقه فی الواقع مواجهه عدّه تحدیات.
فی هذا المقال سنستعرض هذه التحدیات والآفاق المستقبلیه لتثبیت مستوى إنتاج النفط.
التحدیات
۱٫ تراجع أسعار النفط خلال الأشهر الأخیره بنسبه أکثر من ۷۰% مقارنه مع حزیران/ یونیو ۲۰۱۴، بسبب وفره الإنتاج وزیاده العرض مقابل الطلب فی الأسواق العالمیه، وهذا الأمر لا یتناسب مع إتفاق کبار المنتجین على تثبیت مستوى الإنتاج ولیس خفضه.
۲٫ من الناحیه العملیه یرتبط تنفیذ إتفاق کبار منتجی النفط لتثبیت مستوى الإنتاج من أجل دعم الأسعار بمدى إستعداد باقی الأطراف المؤثره فی مجال الطاقه لدعم هذا الإتفاق على مستوى العالم.
۳٫ فی حال تثبیت مستوى الإنتاج وإنخفاض العرض مقابل الطلب والذی سیقود بدوره إلى رفع الأسعار فی الأسواق العالمیه، سیؤدی ذلک حتماً إلى تقلیل الضغط عن الدول المنتجه غیر التقلیدیه، کأمریکا وکندا وسیصب ذلک بالتالی فی مصلحه هذه الدول.
۴٫ بعد رفع الحظر الإقتصادی عنها على خلفیه إتفاقها النووی مع مجموعه (۵+۱) سعت إیران لزیاده صادراتها من النفط إلى الدول الأوروبیه، ولأسباب منطقیه لا تمیل طهران لخفض إنتاجها من الخام فی الوقت الحاضر، وهذا یؤثر دون شک على التوازن بین العرض والطلب وعلى أسعار الطاقه فی الأسواق العالمیه فی نهایه المطاف.
وکانت إیران قد أعلنت رسمیاً فی وقت سابق بأنها تدعم أیّ إجراء لزیاده الأسعار، لکنها أشارت فی الوقت ذاته إلى أنها غیر مستعده لخفض صادراتها من النفط لإعتقادها بأن حصّتها من الإنتاج داخل أوبک قد إنخفضت إلى حد کبیر بسبب إجراءات الحظر.
۵٫ على الرغم من حاجه روسیا والسعودیه للتنسیق والتفاهم فی مجال الطاقه، إلاّ إنه یبدو إن التعاون فیما بینهما فی هذا المضمار سیظل ضعیفاً على المدى المنظور بسبب خلافاتهما السیاسیه والأمنیه إزاء قضایا المنطقه.
۶٫ بسبب التکالیف الباهظه لعدوانها على الیمن وتدخلها فی سوریا لجأت السعودیه إلى زیاده صادراتها النفطیه للتعویض عن خسائرها التی تسببت بتراجع إجمالی إحتیاطیها من العمله الصعبه من ۷۴۲ ملیار دولار فی تشرین الأول/أکتوبر ۲۰۱۴ إلى ۶۴۸ ملیار فی أکتوبر عام ۲۰۱۵ حسبما أعلن البنک المرکزی السعودی. کما بلغ العجز فی میزانیتها ۲۰ % فی نهایه عام ۲۰۱۵٫
ووفقاً لتکهنات صندوق النقد الدولی سیهبط إحتیاطی السعودیه من العمله الصعبه إلى الصفر بعد خمس سنوات فی حال إستمرت أسعار النفط بالتراجع على نفس الوتیره الحالیه. ومن المستبعد جداً أن تخفّض الریاض حجم صادراتها من النفط وهی تعانی فی ذات الوقت من عجز کبیر فی المیزانیه.
۷٫ نظراً لمواردها الغنیه من الطاقه وإستثماراتها المتعدده فی هذا المجال تتمکن السعودیه من مواصله إنتاجها من النفط وبیعه بأسعار مخفّضه، لکن هذا الأمر غیر مُتاح لسائر الدول المنتجه للنفط کفنزویلا والعراق لإنّه مکلِف ومرهق للغایه.
۸٫ إنعدام التنسیق بین روســیا – بإعتبارها أکبر منتج للنفط فی العالم -والدول الأعضاء فی أوبک والذی تسبب أیضاً بعدم ثبات الأسعار ومن ثم تدهورها فی الأسواق العالمیه.
الآفاق المستقبلیه لتثبیت مستوى إنتاج النفط
على الرغم من أن إستقرار مستوى إنتاج النفط یمثل إجراءً مناسباً لزیاده أسعاره، إلاّ أنه فی الحقیقه غیر کافٍ لتحقیق التوازن بین العرض والطلب فی الأسواق العالمیه بسبب التباین فی کلفه الإستخراج والتصدیر بین الدول المنتجه. وبعباره أخرى لایمکن خفض الإنتاج ما لم یؤدی ذلک إلى زیاده الأسعار، وهذا الأمر یتطلب تنسیقاً عالیاً بین الدول الرئیسیه المنتجه للنفط، بینما تُظهر الإتجاهات الحالیه إن هذا الأمر غیر متیسر فی الوقت الحاضر، إن لم نقل إنّه صعب جداً.
ووفقاً لهذه المعطیات ومن أجل تثبیت مستویات الإنتاج ینبغی للدول النفطیه أن تفکر مجتمعهً بطریقه تمکنها من تثبیــت الأسعار فی الأسواق أو حمایتها من السقوط على أقل تقدیر، وفی غیر ذلک یتعذر التوصل الى نتائج طیّبه فی هذا المجال، ویبقى الأمر صعب المنال على المدى البعید.